رؤية الـ 2030 ... دولة عظمى .. دولة شباب

لما أخبرني صديقي أن أكتب مقال عن " رؤية الـ 2030 للمملكة العربية السعودية " ، قلت في نفسي ، " كل الناس تكلموا عنه .. فماذا أقول و ماذا أضيف ؟!! ، يكفيها تلك الرؤيا ما حظيت به من حملات اعلامية صاخبة ، و لن اضيف لها شئ من نقض او غيره".

ثم عدت و قلت في نفسي " أقرءها لعلى أستفيد ....".
فوجدت نفسي بعد قراءة قرابة الـ 40 صفحة ان وجهي تعلوه أبتسامة عريضة ... لا اخفيك سراً ، كنت احاول ان اخفيها قبل ان يدخل على احد مكتبي ، ويجدني على تلك الحالة ويسأل ما يضحكك ؟!! ... ستكون الاجابة طويلة وصعبة.

ولعل من اهم ما جعل الأبتسامة تسيطر على وجهيي هو كم الالفاظ الايجابية التي تمتلئ بها الرؤيا ناهيك عن سيطرة شعور الفتوة الشبابية عل تلك الالفاظ ، وإني لأرجوا ان تكون تلك الفتوه من النوع الذي وصفه القرآن " إِنَّہُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَـٰهُمۡ هُدً۬ى "

ووجدت نفسي أكتب الان هذه المقالة موضحاً أمور ربما لم يدركها البعض ، فلن أتكلم عن شمولية الرؤيا .. فهذا أستفاض فيه غيري ، وهي بالفعل رؤيا شاملة ستنقل المملكة الى حيز آخر ... إنه حيز الدولة العظمى !!!

نعم .. إن ما تحدثت عنه الرؤيا في أكثر من 40 ورقة يمكن اختصارة في جملة من ثلاث كلمات " صناعة دوله عظمى "  لتكون بذلك ربما اول دولة أسلامية عربية عظمى في التاريخ الحديث.
وربما يفسر ذلك سبب التقارب الاخير بين السعودية وتركيا .. ربما في نظري للأستفادة من التجربة التركية الأردوغانية في النهضة التركية الحديثة.

ولكن ...
أريد ان الفت الانتباه الى ثلاث نقاط هامة....
أولاً : رؤيا تحتاج الى يد قوية 
     لم تكن هذه الرؤيا وليدة اليوم او حتي شهر ، يبدوا أنه يتم اعدادها منذ ان تولى الملك سلمان مقالد الحكم ، و رؤيا مثل هذه نحتاج في تنفيذها و إخراجها الى سواعد قوية وإرادة حديدية تعمل بكد وجد ، وليست إدارات يفخر القائمين عليها بأنهم وزراء او أصحاب مناصب وسمو.
لذلك كان واضح من بداية عهد الملك سلمان ان هناك إحلال واستبدال كبير ومتكرر لعدد من الوزراء وأصحاب المناصب ، الشئ الذي نظر له الكثيرين على انه تخبط في الادارة وعدم استقرار ، مما قد يؤدي الى التأخر وليس التقدم والعمل. 
ولكن يا سادة الرجل كان يبحث عن من يأخذ المنصب بحقه وبقوة ليكون قادراً على تنفيذ تلك الرؤيا .. واظن انه قد وصل لهدفه ، ولو جزئياً.

ثانياً: هل تسمح بذلك الدول العظمى ؟
   إن نشأة دولة بهذه الرؤيا بالفعل يجعلها دوله عظمي ، يكفيك انها ستكتفي ذاتياً من الغذاء والطاقة المستديمة ، ناهيك عن الامور الاخرى .. وهذا يعني انها لن تحتاج الى احد من الدول العظمى ، وبالتالي لن تكون هناك ملفات ضغط عليها من تلك الدول ، و لن تكون تابعة لآحد ، و لن يضغط عليها احد بغذاء او طاقة او غيره.

فهل ستسمح الدول العظمي الممثلة في " أمريكا و روسيا و انجلترا و فرنسا " ان يكون هناك دولة عظمي جديدة تُفرض عليهم ؟!! ناهيك عن كونها دولة عربية مسلمة !!
الاجابة : لا
و اذا اردت ان اجعل إجابتي اكثر لباقة فسأقول .. هذا صعب جداً 
ستحاول الدول العظمى بكل طاقتها ان تحول دون ذلك ، ربما بحرب باردة ، او لو استدعى الامر الى حرب عسكرية يغزو فيها جيش الكعبة فلا مانع لديهم.
      إذا الامر خطير ... ولكن ما الحل؟؟
      الحل هو إيجاد و خلق ملفات ضغط في يد الادارة السعودية مقابل ملفات الضغط في يد الدول العظمى ..
وهذا ما يحدث بالفعل من خلال التالي :

1.   خلق ملف ضغط على الولايات المتحده وحلفائها من خلال التحكم في أسعار البترول مما يرفع سعر الدولار بسبب زيادة الطلب عليه مما يؤدي الى أرتفاع أسعار السلع والصادرات الامريكية مما يجعل العالم في زهد منها مقابل مثيلتها من السلع والصادرات الاسيوية. وهذا يفسر بوضوح الحرب الباردة على أسعار البترول الفترة الماضية منذ منتصف 2015.

2. خلق ملف ضغط على الولايات المتحدة من خلال حليفها وذراعها في الشرق الاوسط (الصهاينة) وذلك من خلال نقل ملكية جزيرتي تيران و صنافير الى المملكة العربية السعودية ليصبح مضيق تيران الذي يمر منه السفن الى الصهاينة تحت الرقابة السعودية وبذلك تكون الادارة السعودية دخلت ضمناً في معاهدة كمب دايفيد مما يكسبها ورقة للتعامل مع الطرف الامريكي. ناهيك عن قضية الجسر البري مع مصر الذي سيخلق منافسة شرسه بينه وبين قناة بن جوريون المزمع إقامتها بواسطة الصهاينة.

3. خلق ملف ضغط وأشغال على الدب الروسي من خلال دعم المقاومة في سوريا.

4. إشراك فرانسا في دعم تنفيذ الرؤيا من خلال تنفيذها لمشروعات المفعلات النووية المنتجة للطاقة بهدف تحيدها من جانب ، ومن جانب آخر لتكون عين الامم المتحدة على سلمية المفعلات.

هذا ربما ما بدا لي من ملفات ... وما خفي كان اعظم 

ثالثاً: أهل البادية لا يفصحون !!
العجيب في أمر رؤية 2030 أنه تم أعلانها بهذا الشكل وهذا الصخب الاعلامي.
ما اعرفه عن البدو - وأصدقائي منهم كُثر - أنهم لا يفصحون عن ما يدور بخاطرهم وما يريدون ان يفعلونه .. بل ان هناك مثل شعبر عند أهل البادية معناه " من اراد ان يفعل لا يقول"
هنا نطرح سؤال ...
لماذا لم تتجه الادارة السعودية الى السر والكتمان والعمل بهدوء ؟... 
منذ متى يستخدمون نعرات الاعلام ؟!!

في رأيي الشخصي ان اسباب ذلك تكمن في التالى:
1. تقديم رسالة للعالم فحواها " نحن نعمل في النور ، ولدينا ملفات للضغط عليكم كما لكم .. فأتركونا وشأننا في سلام".

2. أكتساب التأييد الشعبي للفكرة ... وتحفيذ الشباب للعمل في إطارها وهذا هام جداً في الحرب الباردة القادمة.

3. يبدوا انه جاء الدور على الشباب لحملوا راية المملكة ، ولا عيب في ذلك ، ولوائح ولاية العهد ليست نصوص قرآنية ، فمن استطاع فليحمل ، ولقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا أسامة بن زيد على جيش به أبو بكر و عمر و كبار الصحابة رضي الله عنهم اجمعين ، ولم يكن عمرة يزيد عن 18 عام. 
لذلك جائة الرؤيا من الشباب ولا بد ان تحميها حكمة الشيوخ 




1 Comments

It is important for me to know your opinion in this contact.
please feel free to contact me, If you have any questions about this article or any further questions.

Get in touch!

Name



Email *



Message *