خطة الآخرة

عندما تعد خطتك للنجاح في مشروع ما – مهما كان نوع المشروع ( إجتياز اختبار – زواج – اعمال ......الخ ) – فإنك تحتاج الى إستعداد كبير على المستوى النفسي وربما البدني والعقلي وكذلك الامكانات .... الخ ، ثم يأتي وقت تنفيذ المشروع والعمل عليه لتواجه الصعوبات التي تحاول أن تتفادها دائما أو تحلها اذا وقعت فيها.

لقد اعددنا الخطط لمشروعات حياتنا في دنيانا كي نعيش فيها بالشكل الذي نحب ونتمنى ، منها ما نجحنا فيه ومنها ما عدلنا عليه ومنها ما فشل وتراجعنا عنه لنذوق نشوة النجاح تارة ومرارة الفشل تارة اخرى.

لكن أكثر ما يميز مشروعات حياتنا هو اننا لدينا دائما الفرصة لمحاولة جديدة  وتكرار التجارب بأشكال مختلفة ، بل وتدوين الملاحظات والاسباب التي قد تؤدي للفشل او التعطل ، فيتكون لدينا خبرات متراكمة.

وهكذا سيكون نهاية مشروعك الذي خططت له نجاح او فشل ، فإذا نجح ، سعيت لمزيد من النجاح مع المحافظة على ما سبق ، وإذا فشل فمازال لديك الفرصة لتتعلم من أخطائك وتكرر المحاولة حتى تنجح.

الامر مختلف في حال الآخرة ، فعندما يأتي موعد الآخرة ليس لديك فرصة أخري لتفعل شئ او تكرر المحاولة.

 الآخرة هي الوقت لصدور نتيجة مشروع لن تستطيع ان تعود لتعدل أخطائك فيه ، إنه مشروع حياتك ، فالنجاح فيه يعني انك في الآخرة سعيد ، والفشل فيه يعني انك في الاخرة ستلقي مصير سئ ، والاشكالية الاكبر انك لن تستطيع العودة للتجربة من جديد.

 حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100 .... المؤمنون

دعني هنا أطرح سؤالا ...
ما رأيك في امور الدنيا .. هل كلها سهلة بسيطة ؟؟
بمعنى آخر هل من السهل ان تحصل النجاح في مشروعاتك الحياتية؟؟
كل العقلاء أجمعوا ان النجاح ليس سهلا ... فهو مزيج من الإصرار والتخطيط والعمل المستمر والدراسة.

فإذا كان هذا هو حال مشروعات حياتنا التي نريد بها العيش بسلام كما نتمنى ، فما بالك بالآخرة؟!!

بالتأكيد تتفق معي انه كلما كانت النتيجة المرجوة عظيمة كلما احتاج ذلك الى عمل ضخم وتخطيط محكم و إصرار غير متناهي.... إنها مسألة نسبة وتناسب.

هنا نلاقي مشكلاتنا الثلاثة مع آخرتنا .. الخصها لك ولنفسي.
1.     الآخرة نتيجة لتجربتك الوحيدة في الدنيا التي ليس لها رجعة.
2.     الآخرة العظيمة التي ترجوها لنفسك تحتاج الى خطة عظيمة وتنفيذ دقيق وإصرار واستمرار.
الأمر الثالث والأخير هو الفاجعة .... لقد مر بنا الوقت ولم نعد الخطة للآخرة بعد ، نعيش طمعا في فضل الله ورحمته ان يتجاوز عن فشلنا ، ونعيش نعطي لآخرتنا فضائل أوقتنا اذا اعطت الدنيا لنا الوقت.  

مع هذه الحقائق الثلاثة ، يجب ان يكون لدينا خطة لمواجهة كل مرحلة من مراحل الآخرة ، فالله عز وجل مع تلك العقبات الثلاثة وضع لنا حلول ، نواجه بها مراحل طريقنا للآخرة حتى نصل الى الجنة التي ننشدها ... وليس الوصول الى الجنة بأعمالنا مهما عظمت تلك الأعمال ، بل سيكون الوصول الى الجنة فقط بفضل الله ومنه علينا و رحمته بنا.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لن يُنجِّي أحدًا منكم عملُه))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمَّدَني اللهُ برحمة، سدِّدوا وقاربوا، واغدُوا ورُوحوا، وشيء من الدُّلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا)). رواه البخاري ومسلم

فكما جاء بالحديث اعمالنا ليست هي الثمن الحقيقي للجنة ، فقط هي رحمة الله ، وإنما نقصد بخطتنا الى الآخرة ان ننال شئ من تلك الرحمة فتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة.

 كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  ۖ  فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ  ۗ  وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) .... آل عمران.

و الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
ابو نور الدين
1 سبتمبر 2017

10 ذي الحجة 1438

0 Comments

Get in touch!

Name



Email *



Message *