إقتصاد الميتا

إنه المستقبل دائماً … ذلك الشيء الذي يأتي بتغييرات لم تكن نتوقعها في الماضي. تصور أنك الآن في عام 903 ميلادية تنادي في الناس أن بعد 1000 عام يسكون هناك أنبوب حديدي يدخل فيه الناس ويطير بهم إلى أماكن بعيدة عابرة للبحار.

أتصورك وأنت في هذه الحالة والناس قد أطلقوا عليك صبيانهم يرمونك بالحجارة وينادونك بالمجنون، حتى تسقط صريعاً أو ربما يحكم عليك بالحرق حياً كما فعلوا بجاليليو لمجرد قوله بأن الأرض كروية.

ها نحن في الحاضر الذي هو مستقبل أمس، نشهد ونعاين الأشياء التي لم يكن في مقدورنا استيعابها أمس بل ونعامل معها كأنها شيء طبيعي مألوف.

أتحدث معكم الآن عن شيء قد نشهده خلال العشرة أعوام القادمة أو أقرب، إنه "اقتصاد الميت"،، أطلقت عليه هذا الاسم نسبة إلى الاسم الجديد الذي أطلقه Mark Zuckerberg على شركة فيسبوك.

لقد هاجت حسابات التواصل الاجتماعي وماجت حول فكرة META الجديدة التي أطلقها Mark Zuckerberg، يعتصرونها من كل جانب اجتماعي وسياسي وصحي وبدأوا في محاربة الفكرة ونقضها مبكراً، وأتمنى أن أرى هؤلاء عندما يحاولون إعادة صياغة موادهم الإعلامية على المنصة الجديدة متناسين ما قالوه عنها.

لست هنا بصدد تفنيد مميزات وعيوب مشروع وفكرة السيد مارك، لكني أريد أن ألفت نظرك إلى أمر مهم جداً. وهو أن العالم الافتراضي سيسيطر قريباً على نسبة كبيرة من التجارة والتبادل التجاري.

    تخيل أنك في ذلك المستقبل القريب ستكون قادر على شراء منتج من اليابان بينما أنت تجلس في بيتك في لندن، لكنك لن تفتح موقع Amazon أو eBay هذه المرة لتفعل هذا، بل هذا اليوم سوف ترتدي نظارة ال VR الخاصة بك وتبدأ في التجول على قدمك الافتراضية في سوق اليابان المتخصص في بيع المنتج الذي تريده، بل قد تطلب إنشاء سوق افتراضي يجمع لك كل من يبيع هذا المنتج في العالم، ثم تتجول بين المتاجر متحدثاً مع البائعين بصوتك وتعاين المنتج بتفاصيله وأبعاده. وربما تسأل البائع أن يجرب لك المنتج قبل إتمام علمية الشراء كي تشاهده كيف يعمل إذا كان ذلك ممكن. وسينتهي الأمر بأن تدفع لها في البنك الافتراضي الموجود بالسوق والذي سيحجز على قيمة المنتج إلى حين أن تصلك عبر شركة الشحن إلى بيتك وعندها سيفرج عن الأموال للبائع.

ليس هذا فقط.. ربما يكون هناك جهاز آخر أكثر تطوراً من ال VR يمكنك أن ترتديه وتذهب افتراضياً إلى الطبيب الذي تختاره حول العالم فيتمكن من خلال الجهاز من فحصك وعمل الأشعة المطلوبة وربما التحاليل أيضا من خلال الجهاز الذي يعمل بالأشعة وتقنيات ال Spectroscopy، ومن ثم يصف لك الطبيب الدواء الذي ستشتريه من أقرب صيدلية افتراضية ويتم شحنه لك في نفس اليوم.

كل شيء سيتحول إلى ميتا، لينطلق اقتصاد الميت الجديد الذي يزيد من وتيرة السيولة المالية ويجعل المنافسة بين المنتجات أو الخدمات ساخنة وشديدة جداً حول العالم.

ستكون قادر على أخذ موعد مع طبيب في ألمانيا وشراء الدواء من إنجلترا والدراسة في ألمانيا وتعمل لدي شركة في كندا وأنت مازلت في بيتك. سوف تحجز غرفتك في فندق في سويسرا حيث ستقضي عطلتك السنوية ويمكنك معاينة الغرفة قبل الوصول ومعاينة وقعد الطائرة قبل الحجز. ويوم السفر سوف تطلب خدمة UPER للتوصيل إلى المطار، سوف تأتيك السيارة دون سائق لتأخذك إلى المطار في الموعد بينما يتم شحنها كهربائياً ذاتياً أثناء سيرها.

    هذا ليس شيء خيالي.. هذا هو المستقبل.. وليس بعد 1000 عام بل نحن على أعتاب ذلك بعد أن يفيق العالم من العاصفة الاقتصادية القادمة.

السؤال الآن.. إذا كنت في وظيفتك أو تبيع أو تنتج خدمة أو منتج.. فأين أنت الآن من كل هذا؟ وأين ستكون في عالم الميت؟؟!!!

0 Comments

Get in touch!

Name



Email *



Message *