نهاية الأزمة الاقتصادية العالمية وتوافق الدورات الزمنية

     لا يخفي على ذوي البصيرة و المتابعين للاقتصاد العالمي حالة الانهيار التي باءت أخيراُ بفوضى عارمة في الأسواق الصغيرة و الكبيرة ... المفتوحة و المحدودة .

أمر بات يدركه الصغير و الكبير الغني و الفقير ....

إنها معادلة قاسية عبارة عن       بطالة + ارتفاع أسعار + وباء معدي = ؟؟؟

     لقد جمعت الوثائق و الدلائل منذ أكثر من أربعة أشهر كي أجد نتاج هذه المعادلة في المقام الأول ثم أحاول أن أجد الحل الأمثل لها على مستوي المؤسسات و الأفراد ثم أحدد بشكل أقرب إلى الصواب  .... متى ستزول هذه الغمة ؟

    و بعد أن وصلت لنتيجة واضحة و جدت نفسي بين شقي رحى ... هل أنشر الحقيقة كما هي و عندها قد يفسر مقصدي بالشكل الخاطئ ؟ أم أكتم أمراً قد يكون أظاهرة سبيل لأخذ الحيطة و الحذر ؟

    حني استخرت الله و استشرت مجلس إدارة الشركة في أن الملم ما أريد قوله في مقال و حذفني على ذلك صدور بعض التقارير السنوية من بعض المؤسسات العالمية و التي جاءت موافقة لنفس الرؤية .


حقيقة الوضع

      الحقيقة أننا بتحليل الدورات الزمنية للاقتصاد العالمي و لمختلف الأسواق بداية من سوق العملات العالمية مروراُ بأسواق الأسهم الأمريكية و الأوربية و العربية و دول الشرق ... نحن نمر بدورة هابطة منذ عام 2004 تتسم هذه الدورة منذ بدايتها و حني عام 2006 بالاتي :

1 – ذعر عام و خوف من الأسواق .
2 – 4 سنوات على الأقل من الهبوط المستمر قبل أول تصحيح رئيسي .
3 – ركود الأعمال التجارية و المشروعات .
4- ضعف إنتاج القمح و الحصول على الخبز و استبدال الحساء و المشروبات كبديل غذائي .
5- ظهور حالة من اليأس بين الناس .
6- ارتفاع نسبة البطالة بشكل ملحوظ .


       في الحقيقة لم أرهق نفسي في إجراء مثل هذا البحث الضخم ، و لكن أثناء دراستي لأساليب جان و محاولة اقتناء بعض الأوراق التي تعتبر أثرية و التي كتبت في مكتب جان نفسه . وجدت أن وليم دلبرت جان (توفي عام 1951) قد أجري بحثاُ رائعاُ في تحليل و استنباط رؤية حول أوضاع الاقتصاد العالمي بشكل عام و الأمريكي بشكل خاص .

      كتب هذا البحث الصغير جداُ بواسطة جان عام 1909 قام فيه بتحليل الأسواق منذ عام 1784 ميلادية إلى عام 2008.

و قسم فيها الأعوام في هذه الفترة إلى 10 أقسام  كما جاء في الجدول التالي ، حيث يوضح جان ما أطلق عليه بجدول الإقتصاد الزمني أو financial time table  .

صورة من جدول الاقتصاد الزمني كما كتب علي الآلة الكاتبة في مكتب جان

ستجد في القسم J  من الجدول في العمود الأخير الأعوام 2004 و 2005 و 2006 و كيف وصف هذه الأعوام من الحالة الاقتصادية  .    هذه الأعوام الثلاثة مضت .... عد إلى الوراء و تذكر ... هل حدث ما وصفه جان ؟

     بصفة شخصية أذكر تلك الشائعات التي انتشرت عام 2006 أن أسعار الخبز سوف ترتفع للضعف و ذلك بسبب تأخر المعونة الأمريكية لمصر مما دعا الحكومة المصرية آن ذاك بالتعاقد مع دول جنوب شرق أسيا لاستيراد القمح .  و غير ذلك كثير .... على مستواي الشخصي اشعر بأن كل ما قاله جان عن هذه السنوات قد تحقق .

     ثم أوضح جان في القسم X  و الذي يضم العامين 2007 و 2008 ( عامين النكسة العالمية للأسواق ) يصفها كالتالي :

-  زيادة في ضربات الانهيار
-  ارتفاع جديد للبطالة
-  العديد من حالات الوفاة للمشاهير

أعتقد يمكنك التأكد من أن الرجل الذي توفي عام 1951 توقع ما سيحدث بعده بشكل جيد و عام ....

ما كان يجب علينا التحقق منه الآن و تتبعه هو ... ماذا بعد عام 2008 ؟ ماذا سيحدث ؟؟

    أستطاع صديق المركز العربي لأبحاث أسواق المال مستر فليب دو لفوتي و هو أسباني الجنسية من وضع استكمال للجدول حني عام 2212 و خرج ذلك الاستكمال عام 2005 و قد زودنا بهذه النتائج التي قمنا بالتحقق منها في المركز عام 2007 و التعديل عليها بالتعاون معه .


 من الجدول نجد أن ما بدأنه في عام 2004 سيتكرر في الأعوام من 2008 إلى 2011  ، هذا يعني أن بداية الهدوء الاقتصادي و انحلال الأزمة سنراه على خواتم عام 2011 و بدايات عام 2012 ليكون عامي 2012 و 2013 عامين من ارتفاع الأسواق بشكل قوي و ملحوظ 


تقارير اقتصادية

    في مطلع سبتمبر 2009 و وسط ترقب الناس ... هل انزاحت غمة الأزمة العالمية أم لا ؟ و بعد اجتماعات الدول الصناعية الثمانية خرج صندوق النقد الدولي بتقرير واضح يبين فيه أن العالم قد فقد حوالي 2 تريليون دولار في هذه الأزمة و انه مازال هناك وقت ليفقد 4 تريليون أخري خلال الفترة القادمة ... أي أن الفترة الماضية من انتعاش الأسواق  كانت فقط  لحظات من الاستراحة قبل انهيار جديد.

   هذا ما صدقه اجتماع رؤساء الفدراليات الأمريكية يومين متتاليين للخروج بقرار لتعديل الفائدة على الدولار و بعد يومين خرج القرار بالإجماع يوم 4 نوفمبر 2009 بـتثبيت سعر الفائدة عند صفر ... هذا يعني أن ألازمه لا تزال قائمه و لا داعي لرفع الفائدة و زيادة حجم مديونيات الأفراد و الشركات.




ما هو الحل ؟

للبحث في الحل و للإجابة على هذا السؤال وجب علينا أن نحدد أولاً أين الخلل ؟!! ...

طالما هناك مشكله فإن هناك خلل تسبب فيها و خلل أخر في مواجهتها ....

     في اعتقادي أن الخلل الذي تسبب في هذه الأزمة هو اختلال التوازن بين قيمة الأموال و الأصول و يرجع البعض هذا إلى المضاربات الخارجية على الأصول و السلع و كذلك عمليات الاحتكار و أحب أن أضيف أيضاُ إلى هذه الأسباب هو انتشار فكرة الوسيط الذي يقوم برفع السعر لصالح عمولته الشخصية .

      أما الخلل الحادث في مواجهة الأزمة  فهو انه لا يوجد أطار ضمني واضح يجمع جميع الأفكار في مواجه الأزمات فدائماُ القوي يفكر في الأزمة بمبدأ "لا يفل الحديد إلا الحديد" . فتبدأ دول عظمي مثل الولايات المتحدة باستعادة استثماراتها من خلال التجارة الدولية غير المشروعة و المتمثلة في نشر مرض يشبه الوباء و يكون هناك علاج أمريكي له يتم بيعه للدول الأخرى ... ( و إذا ظهر علاج صيني يتم الضغط على الصين دبلوماسيا و يختفي فكرة العلاج الصيني في لساعات ) . أو أن تفتعل الأزمات الصغيرة في دول العالم الثالث كمشكلة دارفور في السودان و الحوثيين في اليمن على غرار ترويج و بيع الأسلحة الخفيفة ، أو افتعال أزمة سريعة و بسيطة تحدث جلبه إعلامية يكون الهدف منها البيع على أفضل سعر بعيداُ عن ما يقرره السوق مثل أزمة دبي حديثة العهد .

      يبقي الدول البسيطة الذي يجب أن يتضرر فيها التعليم و ترتفع فيها نسبة البطالة سواء بسبب الخوف من المرض أو خروج الأموال لشراء التطعيمات الأزمة لعلاج الوباء المصطنع  و لا يجد كبار التجار في هذه الدول منفذ لهذا إلا الاحتكار الذي يزيد من رفع الأسعار و تشتد الأزمة على الفقير .

     إن حالات الانهيار الاقتصادي التي تتوافق مع وجود أوبئة أو مجاعات تعتبر أقصي حالات الانهيار الاقتصادي و أشدها عنفاُ ....

و في رأيي أن التبوء بمثل هذه الحالات و الاستعداد لها برجولة ووضوح هو من أهم أشكال العلاج لها .

     الأمر ألان شبيه بحالة مصر يوم أن رأي ملكها انه يذبح سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و أخري يابسات ... و لو أن ملك مصر لم يهتم لأمر الرؤيا هذه و أتبع نصيحة من حوله في البلاط الملكي حينما قالوا "أضغاث أحلام" أو لم يهتم أحدهم بإبلاغ سيدنا يوسف عليه السلام بمثل هذه الرؤية لوقعت مصر في مجاعة مدة 7 سنوات .

     من هنا أستطيع أن ارصد الحلول المقترحة على مستويين الأول مستوي المؤسسات و الثاني على مستوي الشركات.


الحل على مستوي المؤسسات هو ذلك الحل الذي أتخذه سيدنا يوسف و يتمثل في :

1)     تسكين ذوي الخبرات الاقتصادية الأمينة في مواقعهم الصحيحة دون محسوبيات أو وساطة أو رشاوى .

قال تعالى على لسان سيدنا يوسف

                      "أجعلني على خزائن الأرض إني عليها أمين مكين"


2)     الإنتاج و محاولة الاتجاه إلى فكرة الاكتفاء الذاتي و أعداد مخزون جيد من المواد الضرورية يكفي حني انتهاء الأزمة و ما بعدها و تهميش دور الوسطاء .

قال تعالى على لسان سيدنا يوسف

                 "تزرعون سبع سنين دأباُ فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاُ مما تحصنون "


3)     ابتكار بدائل علمية موفره للطاقة و الغذاء و تفعيل دور الزراعة و الأراضي الزراعية الغير مستخدمه في الوطن العربي و التقليل من الأنشطة الخدمية لصالح الأنشطة الإنتاجية .

قال تعالى على لسان سيدنا يوسف

                 " ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون "

الحل على مستوي الإفراد :

1)     استبدال المدخرات المالية إلى عينيات استثمارية كالاستثمار طويل الأجل في البورصات المحلية ، أو استبدال المدخرات المالية بمدخرات عينية كالذهب و العقارات .

2)     التفكير الشخصي على خلق فرص عمل جديدة مشروعة دون الحاجة إلى مساندة الحكومات (الفكرة الصينية للبيت المنتج )

3)     تقليل النفقات على الأمور الترفيهية (تغيير أجهزة الهواتف المحمولة  بشكل دوري لما هو أحدث دائماُ ، الاهتمام بالمظاهر ، التسكع في المقاهي و المطاعم ، شراء ما ليس له أهمية لمجرد الشكل العام أمام الآخرين ........) و بذل الطاقة فيما هو نافع و مفيد .


و أخيراُ يقول الله عز و جل

" و اتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة "

تامر حامد
12 ديسمبر 2009

0 Comments

Get in touch!

Name



Email *



Message *