البعث والحشر ... ثالث مراحل الطريق للأخرة ... كيف ننجو منه ؟

البعث والحشر
إذا اذن الله ان ينفخ في السور النفخة الاولي فيفنى كل من على وجه الارض ويموت ، ويظل كل ابن آدم في قبورهم ، منهم من دخل قبره بيد أقرانه ومنهم من غطاه تراب فناء الارض وهول القيامة ، حتي يأذن الله بأن ينفخ في السور مرة أخرى ليقوم جميع الخلق من قبورهم.

وصف المرحلة:
جميع الخلق من لدن آدم وحتى اخر مولود يولد قبل القيامة يعدون بأجسامهم كاملة وترد اليهم أرواحهم  ، يقول تعالى :
﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ﴾ [الأنبياء:104].
وقال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الواقعة: 49، 50].
وكل أنسان يبعث من قبره على الحالة التي مات عليها من التقوى والإيمان والكفر والعصيان، روى مسلم في صحيحه من حديث جابر- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ"[3].
وفي الحديث: "الَّذِي يَمُوتُ وَهُوَ مُحرِمٌ يُبعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا"، وَ "الشَّهِيدُ يُبعَثُ يَومَ القِيَامَةِ وَجَرحُهُ يَثعَبُ، اللَّونُ لَونُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسكِ".
ومن أعرض عن كتاب الله و اتبع هوه يحشر اعمى ، يقول الله تعالى:
 وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى طه:124-126
وأهل الكفر يحشرون على وجههم.
يقول الله تعالى : ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ [الإسراء: 97].
 وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس- رضي الله عنه -: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟!".

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنفٌ مُشَاةٌ، وَصِنفٌ رُكبَانٌ، وَصِنفٌ عَلَى وُجُوهِهِم"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِم؟ وَقَالَ عَفَّانُ: يَمْشُونَ - قَالَ: "إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُم عَلَى أَرْجُلِهِم قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُم عَلَى وُجُوهِهِم، أَمَا إِنَّهُم يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِم كُلَّ حَدَبٍ وَشَوكٍ".

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: ( يُحْشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين راهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تَقِيلُ معهم حيث قَالُوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا). رواه مسلم.

والجميع يومئذ حفاة عراة يمشون الى أرض المحشر حيث يقف الجميع في انتظار رحمة الله بهم.

عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غُرْلاً)) قلت: يا رسول الله، الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟، قال: ((يا عائشة الأمر أشد من أن يُهمهم ذلك ))، وفي رواية: ((الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض))، متفق عليه.

هكذا كانت صفة بعثنا من القبور ... وهكذا سنمشى الى أرض المحشر ، وهي ارض غير تلك الأرض التي نعيش عليها.
قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48].

يقول رسول الله واصفاً هذه الارض فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سهل ابن سعد - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ" قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ: "لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ"

اي ليس فيها جبل ولا سهل .. أرض مستوية لم يري عليها معصية قط ، ليقف الناس فيها في انتظار التالي.
وبعد وقوف الجميع على ارض المحشر ... أنس وجن وحوش ودواب لا يسمع منهم صوت الا صوت حفيف اقدامهم على الارض ، تدنو عليهم الشمس لتقترب من الرؤس:
روى الإمام مسلم عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل (. قال سليم بن عامر فوالله ما أدرى ما يعنى بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذى تكتحل به العين). قال: فيكون الناس على قدر أعمالهم فى العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما. قال: وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده إلى فيه.  ( رواه مسلم ).
ويبقي الخلق على هذه الحالة ماشاء الله ان يكونوا حتي يصيبهم التعب والنصب ، الى ان يأتيهم عفو الله عنهم في هذا الموضع بيد نبيه صلى الله عليه وسلم.

النجاة من هول الحشر.
1.     اعتصم بالله حتي لا تري هول القيامة ونسف الارض وتقطع السماء ، فإن الله يتوفى كل المؤمنين قبل قيام الساعة حتي لا يصيبهم الفزع.
عن عياش بن أبي ربيعة قال  سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( تخرج ريح بين يدي الساعة تقبض فيها أرواح كل مؤمن ) وراه احمد في مسنده.
2.     تقوى الله بالخوف منه والعمل بطاعته ، سبب في ان يحشر المراء راكباً ، وظنى انه على قدر التقوى يكون الركب ، يقول الله تعالى : يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا (85) سورة مريم. وقد فسر المفسرون وفداً بمعنى ركباناً. وكذلك مسألة العرق مرتبطة بالايمان والتقوى ، فبقدر ضعف أيمان المرء وقلة تقوى الله يكون عرقه في زيادة.
3.     كن من السبعة الذين يظلهم اللهم بظله يوم تدنو الشمس من الرؤس ولا يكون سوى عرش الرحمة ظل.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ : الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " متفق عليه ، رواه البخاري ومسلم.

0 Comments

Get in touch!

Name



Email *



Message *