الصراط وذلته ... خامس مراحل الطريق للأخرة ... كيف ننجو منه ؟

الصراط
بعد ان يزن للناس اعمالهم ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج ؛ بمعنى كل شكل يجتمع إلى شكله ، فأهل الصيام يجمعون الى بعضهم والعلماء الى بعضهم واهل الذكر الى بعضهم وهكذا ازواج بالشاكلة التي يحكم الله بها وتُقَامْ الألوية - ألوية الأنبياء - لواء محمد صلى الله عليه وسلم ، ولواء إبراهيم ، ولواء موسى إلى آخره ، ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم ، كل شَكْلٍ إلى شكله .

والظالمون والكفرون أيضاً يحْشَرُونَ أزواجاً ، متشابهين كما قال : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ ) الصافات/22-23 ؛ يعني بأزواجهم : أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين ، ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة. وهكذا.

ثُمَّ  يَضْرِبُ الله - عز وجل - الظُّلمة على جهنم وعليها الصراط.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم" .
 فيسير الناس الى جهنم  لمروا على الصراط فوقها بما يُعْطَونَ من الأنوار. فيُعْطِيْ الله - عز وجل - المؤمنين النور ، فيُبْصِرُون طريق الصراط.

ففي حديث ابن مسعود الطويل الذي فيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( فيعطون نورهم على قدر أعمالهم وقال: فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى نوره دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر من يعطي نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة, ويطفأ مرة إذا أضاء قدم قدمه, وإذا أطفئ قام )).

 وأما المنافقون فلا يُعْطَون النور ، بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في النار ، يمشون وأمامهم جهنم والعياذ بالله.

( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى ) الحديد/13

وفي حديث جابر عند مسلم ((ويعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نوراً. ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله, ثم يطفأ نور المنافقين. ثم ينجو المؤمنون)).

ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم أولاً ويكون على الصراط ، ويسأل الله - عز وجل - له ولأمته فيقول : ( اللهم سلّم سلم ، اللهم سلّم سلم ) ؛ فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم ، وتَمُرُّ أمته على الصراط ، كُلٌ يمر بقدر عمله الذي حوسب عليه ، ومعه نور أيضاً بقدر عمله ، فيمضي مَنْ غَفَرَ الله - عز وجل – له ، ويسقط في النار ، في طبقة الموحّدين ، من شاء الله - عز وجل - أن يُعَذبه بما فعل في الدنيا.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ويضرب الصراط بين ظهري جهنم ، فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم. ( البخاري )
وكما يختلف المؤمنون في نورهم على قدر اعمالهم فإنهم يختلفون في مرورهم على الصراط على قدر اعمالهم ايضاً فمنهم من يمر بسرعة البرق ومنهم ابطء من ذلك.
عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يرد الناس كلهم النار ثم يصدرون منها بأعمالهم فأولهم كلمح البرق, ثم كمر الريح, ثم كحضر الفرس, ثم كالراكب, ثم كشد الرجال، ثم كمشيهم )).
ووصف الصراط انه ادق من الشعره و احد من السيف لايمكن ان تيتقر عله القدم واقفه ( مدحضه مذلة ) كما قال النبي ، و له كلاليب وخطاطيف كالشوك كبيره تؤدي الى انزلاق العباد الى جهنم تحته.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صفة الصراط: ( وبه كلاليب مثل شوك السعدان أما رأيتم شوك السعدان) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (فإنها مثل شوك السعدان، غير ألا يعلم قدر عظمها إلا الله) . البخاري.

النجاة من ذلل الصراط والبعد عن جهنم
من يذل على الصراط يسقط في جهنم ( نسأل الله ان يزحزحنا عنها ) ،ولقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأعمال المنجية من لفح النار أو السقوط فيها ومنها:

1.     الاستجارة من النار
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار-قالت النار: اللهم أجره من النار).

2.     الإيمان بالله والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعانة الأخرق والمظلوم وكف الأذى.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا ينجي العبد من النار؟ قال: ( الإيمان بالله)، قلت: يا نبي الله مع الإيمان عمل؟ قال: (أن ترضخ * أي تعطي- مما خولك الله ، وترضخ مما رزقك الله)، قلت: يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ ؟ قال: (يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر)، قلت: إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر؟ قال: (فليعن الأخرق) - وهو الذي لا صنعة له - قلت: يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع؟ قال: (فليعن مظلوما)، قلت: يا نبي الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما؟ قال: (ما تريد أن تترك لصاحبك من خير؟ ليمسك أذاه عن الناس)، قلت: يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخله الجنة؟ قال: (ما من عبد مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال، إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة)

3.     قضاء حوائج الناس وتفريج كربهم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ؛ أحبُ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيضا ولو شاء أن يُمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزلُ الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسدُ الخلُ العسل)

4.     المحافظة على صلاتي الفجر والعصر
عن عمارة بن رويبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)

5.     المحافظة على ركعتي الضحى
لكل أبن آدم منا 360 مفصل ، وقد اخبر النبي ان على المؤمن 360 صدقه يتصدق بها كل يوم ( عن كل مفصل صدقه ).
فعن عَائِشَةَ، تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وَحَمِدَ اللهَ، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ اللهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ السُّلَامَى، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ»
ويجزئ عن ذلك العدد من الصدقات أداء ركعتين من الضحى، حيث روى أبو ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)

6.     المحافظة على أربع ركعات قبل الظهر وبعدها
عن أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حَرُمَ على النار)، وفي رواية‌ لها رضي الله عنها عند النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعات بعد الظهر فتمس وجهه النار أبدا إن شاء الله عز وجل)، قال الحافظ: أي داوم وواظب على هذا العمل.

7.     السير في كل أمر يرضي الله عز وجل
عن يزيد بن أبي مريم رضي الله عنه قال: لحقني بن رفاعة بن رافع رضي الله عنه وأنا أمشي إلى الجمعة، فقال: أبشر فإن خطاك هذه في سبيل الله، سمعت أبا عبس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار)

8.     رد الغيبة عن المسلم والدفاع عنه وعدم رميه بشيء في عرضه أو نحوه
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار )، وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة )

9.     الصدقة والكلمة الطيبة
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجعلوا بينكم وبين النار حجابا ولو بشق تمرة) ، وفي رواية عند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل).
وفي رواية أخرى أنه قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه، ثم ذكر النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه، قال شعبة: أما مرتين فلا أشك، ثم قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة).

10. الصيام
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنة وحصن حصين من النار) .
وروى أبو أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام يوما في سبيل الله، جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض)

11.البكاء من خشية الله عز وجل والحراسة في سبيل الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري مسلم أبدا)

وروى أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار أبدا؛ عين باتت تكلأ في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله ).

12.حسن الخلق مع الناس
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بمن يُحَرَّمُ على النار أو بمن تحرم عليه النار؟ على كل قريب هين سهل)، وفي رواية للإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (حُرِّمَ على النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ من الناس).

13.إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صلى لله أربعين يوما في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتبت له براءتان؛ براءة من النار، وبراءة من النفاق) .

14.إسباغ الوضوء
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق، تعجل قوم عند العصر فتوضئوا وهم عِجَالٌ ، فانتهينا إليهم وأعقابهم تَلُوحُ لم يمسها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء)،والعقب هو مؤخر القدم.

15. من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله
من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله و الله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا إله إلا الله لا شريك له،لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال العبد: لا إله إلا الله و الله أكبر، قال الله: صدق عبدي لا إله إلا أنا، وأنا أكبر، فإذا قال: لا إله إلا الله وحده قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا وحدي، فإذا قال: لا إله إلا الله لا شريك له، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا ولا شريك لي، فإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد فإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي من رزقهن عند موته لم تمسه النار).

16.الصبر على موت الولد
روى عبد الرحمن بن بشير الأنصاري وعن أبي هريرة أنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها يشتكي فقالت: يا رسول الله أخاف عليه وقد قدمت ثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد احتظرت بحظار شديد من النار).

17.الصبر على البنات وإعالتهن ورعايتهن
عن عقبة رضي الله عنه : (أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته، كن له حجابا من النار يوم القيامة) .قيل إثنان قال رسول الله إثنان.


0 Comments

Get in touch!

Name



Email *



Message *